الجمعة، 9 ديسمبر 2011

كي لا نكون ســُذج (4): عقيدة الصدمه/ الجزء الأول.. تمهيد


نعومي كلاين

تأليف: نعومي كلاين.
ترجمة: عمر عدس.

كان تأثير إعصار كاترينا في مدينة نيواورلينز في ولاية لويزيانا الأمريكية مدمراً وبعيد الأمد. وفي 31 اغسطس/آب 2005 كان نحو 80% من هذه المدينة قد غمرها الفيضان، حيث بلغ ارتفاع المياه في بعض المناطق اكثر من خمسة أمتار. وعلى أثر ذلك تم اخلاء نحو 90% من سكان جنوب شرق لويزيانا في عملية إخلاء لم تشهد لها الولايات المتحدة مثيلاً من قبل.

..
ولكن كيف كان وقع هذه الكارثة التي دمرت اجزاء كبيرة من مدينة نيواورلينز، على بعض الساسة والمنظّرين الاقتصاديين الأمريكيين؟ تنقل المؤلفة، التي جعلت الحديث عن كارثة نيواورلينز مدخلاً لكتابها، قول عضو الكونجرس الجمهوري ريتشارد بيكر، الذي ينتمي إلى تلك المدينة، لجماعة من أنصاره “لقد نظفنا نيواورلينز أخيراً من المساكن الشعبية. لم نكن نستطيع فعل ذلك، ولكن الله فعله”. وكان جوزيف كانيزارو، أحد اشد المستثمرين ثراء في نيواورلينز، قد عبّر عن عاطفة مشابهة، إذ قال: “اعتقد ان لدينا الآن صفحة بيضاء لنبدأ من جديد وبتلك الصفحة البيضاء تتاح لنا فرص كبيرة جداً”.
وتقول المؤلفة، ان المجلس التشريعي لولاية لويزيانا ظل طوال ذلك الاسبوع مزدحما بممثلي الشركات والمصالح الكبرى، وهو يساعدهم على اغتنام تلك الفرص الكبرى: عن طريق خفض الضرائب، والتقليل من الاجراءات، والحصول على عمال بأجور أرخص، وتحويل المدينة لتصبح “أصغر وأكثر أمناً” الأمر الذي يعني من الناحية العملية، وضع خطط لازالة مشاريع الاسكان العامة واستبدالها بمباني شقق سكنية يملكها الأفراد.
وتخلص المؤلفة إلى القول، ان من الاشخاص الذين رأوا أن فيضانات نيواورلينز المدمرة تشكل فرصة سانحة، ميلتون فريدمان، المرشد الأكبر لحركة الرأسمالية المنعتقة من أي قيود، الذي يعود اليه الفضل في وضع قواعد لعبة الاقتصاد العالمي المطاط المعاصر.
وتضيف المؤلفة، ان فريدمان، الذي كان يومئذ في الثالثة والتسعين من العمر، وفي صحة متهالكة، وجد في نفسه القوة الكافية ليكتب مقالة رأي لصحيفة “وول ستريت جورنال” بعد ثلاثة أشهر من انهيار الحواجز والسدود في نيواورلينز. وجاء في مقالته: إن معظم مدارس نيواورلينز قد دمرت، مثلما منازل التلاميذ الذين كانوا يدرسون فيها. وقد تفرق هؤلاء التلاميذ في أرجاء البلاد. وتلك مأساة، ولكنها كذلك فرصة لاجراء اصلاح جذري لنظام التعليم.
وتقول المؤلفة: إن فكرة فريدمان الجذرية هي انه بدلاً من انفاق جزء من مليارات الدولارات المخصصة لإعادة البناء، في اعادة بناء وتحسين نظام المدارس العامة القائم في نيواورلينز، ينبغي على الحكومة ان تزود العائلات بصكوك يمكن انفاقها في المؤسسات الخاصة ، التي يتوخى العديد منها الربح، والتي ستتلقى دعماً مالياً من الولاية. وقد كتب فريدمان، ان من المهم جداً ألا يكون هذا التغيير الأساسي مؤقتاً ولسد الفراغ بل ان يكون “اصلاحاً دائماً”.
وقد انتهزت شبكة من بيوت الخبرة اقتراح فريدمان وتقاطرت على المدينة بعد العاصفة. ودعمت ادارة جورج دبليو بوش خططها بملايين الدولارات من أجل تحويل مدارس نيواورلينز إلى مدارس خاصة يمولها الجمهور وتديرها هيئات خاصة وفق الأسس والقواعد التي تراها ومثل هذه المدارس تخلق شروخاً عميقة في المجتمع الأمريكي، ويتجلى ذلك في نيواورلينز اكثر من سواها، حيث ينظر إليها العديد من أولياء أمور التلاميذ الأمريكيين من أصل افريقي، باعتبارها وسيلة للتراجع عن مكاسب حركة الحقوق المدنية، التي ضمنت لجميع التلاميذ مستوى واحدا من التعليم. أما بالنسبة إلى فريدمان، كما تقول المؤلفة، فإن المفهوم الكلي لنظام المدارس التي تديرها الدولة ينضح بالاشتراكية. وينحصر دور الدولة في نظره في “حماية حريتنا من أعدائنا المتربصين وراء بواباتنا، ومن زملائنا المواطنين والحفاظ على القانون والنظام، وفرض تطبيق العقود الخاصة، وتعزيز الاسواق التنافسية”. وبكلمات أخرى توفير رجال الشرطة والجنود أما كل شيء آخر، بما في ذلك توفير تعليم حر ومجاني، فهو تدخل جائر في شؤون السوق.

بالطبع الكاتبه تتحدث أيضاً عن العالم العربي والإسلامي ونصيبه من "عقيدة الصدمه" سوف نذكرها في مقالات أخرى ونسلط عليها الضو.

>عقيدة الصدمه... تتطورت لتنتج ما يعرف بالفوضى الخلاقه والتي تقضي بإفتعال المآسي وثم إستغلالها لصالح الولايات المتحده... وهذه النظرية خرجت من مجال التنظير إلى مجال التطبيق العملي في الدول العربيه والإسلاميه <

ليست هناك تعليقات: