السبت، 10 ديسمبر 2011

كي لا نكون ســُذج (3): نظرية المؤامره/ الجزء الثالث: سرقة الثورات العربيه (1)


طارق رمضان

طارق رمضان... تحليل للربيع العربي/ ترجمة ::التغير الآن::

صحيح أننا إذا ما حللنا الوقائع، فالأمر مقلق، وما أقترحه عليكم هو البدأ بمثدمة عن المصطلحات المستخدمه، هل الأمر يتعلق بربيع عربي "ثورات عربيه"؟، البعض قد يستخدم مصطلح "ثوره" والبعض الآخر يستخدم مصطلح الربيع العربي.. ولكن فيما يخصني لا أستعمل إلا كلمة "إنتفاضه" لا ثوره ولا ربيع لأسباب مختلفه ستعرفونها من خلال حديثي.
أولا لأني لا أعتقد أننا نعيش ثورات منتهيه يمكنني حتى أن ألمس في بعض الوقائع أن الأمر يتعلق بثورات مسروقه أي أنه لم تعد هناك ثورة موجوده بمعنى أن هناك إنتفاضات سرقت، ثم إنني مازلت أضع علامة إستفهام أمام مصطلح الربيع العربي هذا وما أكرره دائما خلال تحليلاتي.. هو أنني لا أفرط في التفائل، بمعنى أن هناك عدد من المسائل التي يجب التوقف عندها.
تذكرون أه في عام 2003 حين بدأت الحرب على العراق أعلن الرئيس جورج بوش وشرح وبرر "أن ما كان يحدث في العراق هو مقدمه لحركة واسعه للديمقراطية للبلدان العربية في الشرق الأوسط وأن مستقبل هذه البلدان هي الديمقراطيه"، يجب أن ننتبه في كل تحليلاتنا إلى شيء مهم للغايه وأجد أننا في هذه النقطه نكون سذجاً في بعض الأحيان، ما يجب أن ننتبه له هو أن كل هذه الموقف السياسية لا يمكن فهم شيء منها إذا لم نقرأ وبالتوازي معها "المصالح الإقتصادية" و"الجيوستراتجيه الإقليميه"... بمعنى أنه لا يجب التوقف عند القراءه السياسية التي تتحدث عن الديمقراطيه التي حينما تحدثك عن الديمقراطيه -أي أمريكا والغرب- بعد أن ساندت الدكتاتورية لمدة 30 عام، فهذا يعني أنها تخفي عنك شيئاً على الصعيد الإقتصادي أو أنها لا تقول لك كل شيء، إذن يجب دائما النظر إلى الأمر في عمومه والقيام بقرائه ثلاثية الأبعاد "سياسيه"، "إقتصاديه" و"جيوستراتيجيه" لأنه وببساطة كل شيء مرتبط من هذه الزاويه التي سنقوم بالتحليل على أساسها، ولقد لاحظتم بالتأكيد في العديد من التغطيات الإعلاميه وحتى في التصريحات السياسيه يبدو ومأن الجانب الإقتصادي أصبح هامشياً مع أنه وفي نظري البعد الإقتصادي اليوم هو الذي سيجعلنا نفهم ما يجدث ولهذا يجب علينا دائماً التركيز عليه.
الشعوب التي تنزل للشارع من أجل الحريه اليوم يجب أن تطرح سؤال مهم وهو "من يتحكم بدواليب البورصة؟" لأن الديمقراطيات السياسيه بدون إستقلال إقتصادي هي بنفس درجة خطورة الدكتاتوريات أن لم تكن أشد خطراً من وجهة النظر الجيوستراتيجيه، لأنه خلف الوجه الديمقراطي ستكون هناك سيطرة إقتصاديه كامله تتحكم بنا ومجدداً يجب أن لا نأخذ بهذا الشعور لكي لا نكون سذج، لأنه لا قيمة للديمقراطيه إن كنا قابعين تحت الإمبريالية الإقتصادية لهذا يجب أن ننظر للأمور نظرة شامله، وهذا ما سأحاول فعله.
سوف أضعكم أمام وقائع حدثت في 2003 ومنها ما قاله الرئيس الأسبق جورج بوش "أن ما كان يحدث في العراق هو مقدمه لحركة واسعه للديمقراطية للبلدان العربية في الشرق الأوسط وأن مستقبل هذه البلدان هي الديمقراطيه" وسندرك أنه وإبتداءاً من 2004 أنشأت الإدارة الأمريكيه وبتمويل من هيئات هي نفسها مموله من الإدارة الأمريكيه "ندوات تكوينيه" حول التعبئه السلميه لقد كان معروفاً في 2002 أن بوبوفيتش والذي قام بتأليب الشعب ضد ميلوزوفيتش هو شخص كان ومنذ عام 2000 على إتصال بعقيد سابق في الجيش الأمريكي وهو من كان يشرف على هذه "الندوات التكوينيه" وجميع هذا مثبت بالوثائق أي أنها معلومات مؤكده، أي أنه لدينا الأسماء والعلاقات ومنذ عام 2000، وكان هناك دورات على التعبئه السلميه في صربيا، وهنا بدأت الإجراءات للندوات التكوينيه لتعبئة الجماهير سلمياً بإستخدام: الإنترنت والشبكات الإجتماعيه وهي جميعها متوافره ومتاحه للجميع وهذا ما حدث مع ميلوزوفيتش.
وفي عام 2007 قام شباب ناشطون ومعارضون على الإنترنت  من شمال إفريقيا ومن تونس وكثيرون من مصر، كل قادة 6 أبريل شاركوا في هذه الدورات التدريبيه وقد أذاعت قناة الجزيره برنامج في شهر فبراير الماضي وهو برنامج من 30 دقيقه، تغطية إعلاميه بهؤلاء الشباب وقالوا فيه أنهم فعلاً سافروا إلى القوقاز وإلى صربيا وإلتقو بوبوفيتش وتلقوا هذه الدورات التكوينيه، ولكن الجزيرة لم تذكر بلد كان يعقد مثل هذه الدورات التكوينيه وهو قطر وهذا غريب، وقد ذهبوا إلى أمريكا وتدربوا على التعبئه السلميه، والتعبئه السلميه لها قواعدها إياك أن تستخدم العنف والقاعده الثانية الإلتزام وأخيراً تسيير الشعارات، وهذه الشعارات كانت شعارات إيجابيه ولم نرى شعار واحد يمس الغرب أو يخرج عن حدود المطالبه بسقوط النظام، هذا حدث في تونس كما في مصر، ولو بحثتم عن الشعارات على الإنترنت سترون أنها جميعها كان لها أشكال كقبضة اليد لكي تستطيع أن تجذب الناس على إختلاف أيدلوجياتهم وأديانهم.
في 2008 عندما عاد بعض النشطاء من حركة 6 أبريل من الولايات المتحده تم إيقافهم ومعنى ذلك أن الحكومة المصريه كانت على علم بهذه الدورات، وأوقفتهم قبل أن يبدءوا العمل وبالأخص الفتيات، وهكذا فإنه لدينا منذ عام 2004 - 2008 هذه الدورات التكوينيه وكان الأمر يتسارع مع مرور الوقت، وهذه الدورات يقدمها معهد إينشتاين ومعهد الحرية وكل هذه المعاهد تتركز في الولايات المتحده الأمريكيه، وفي أروبا الشرقيه حدث لقاء كان الشراره التي أطلق هؤلاء المعارضين على الإنترنت ومن الواضح جداً أنه كان مرتبط بإرتباط وثيق بمنطقة الشرق الأوسط بمعنى أن هدفه كان محدداً وهو الشرق الأوسط، وكان اللقاء بإشراف شركات كبرى وبالأخص غوغل التي سنتحدث عنها لاحقاً، وفي 2008 أرسلت السفيرة الأمريكيه في القاهره أن حركات إجتماعيه تود البدأ قبل شهر سبتمبر "موعد الإنتخابات الرئاسيه في مصر".
الأحداث تتحدث وفكرة أن كل شيء ظهر هكذا بدون مقدمات هي كذبه، الأحداث تؤكد عكس ذلك وما نعرفه أن هناك أشخاص تم تكوينهم في دول عدة وبلدانهم كانت تعلم بذلك، ويجب أن نذهب بعيداً في هذه الدراسة لنعرف ما كان منتظراً أن يحدث وما الذي لم يكن جزء من الخطه، ما لم يكن متوقعاً أن السورين سيستطيعون التظاهر سلمياً وبدون سلاح مثلما فعلوا لم يكن هذا منتظراً ولا مخطط له بنفس هذه الطريقه.
وفي وقت ما كان "وائل غنيم" سيكون الوجه الصاعد للحركه في مصر والذي كان أيضاً مديراً لغوغل في منطقة الشرق الأوسط، وهو الذي ظهر على التلفزيون يبكي وأشعل الشارع من جديد، وحينما قامت الحكومة المصريه بقطع خطوط الإنترنت عن كامل البلد كما تذكرون، قامت شركة غوغل بإعطاء أرقام هواتف وشيفرات الإتصال بالأقمار الصناعيه للناشطين ليتمكنوا من التنظيم والتواصل فيما بينهم، بينما رفضت شركة جوجل إعطاء هذه الأرقام والشفرات للنشطاء في سوريا وهذا كان في لقاء مع ناشط سوري على برنامج بثته إذاعة فرنسا إنتير، وفي يخص أيضاً سوريا فبالتأكيد لاحظتم الموقف الأمريكي تجاه سوريا فطوال أسابيع قالت الإداره الأمريكيه أنه لا بد من الإصلاح بمعنى أنه لا يجب أن يسقط النظام في سوريا لأنه في حال سقوطه سيكون هناك مجاهيل كثيرة ولا يمكن التحكم بالأحداث وهو مغاير تماماً للموقف من الإنتفاضه في مصر، ولكن يجب أن لا ندخر في دوامة البارانويا أن كل شيء متحكم فيه لا نريد أن نصل لهذه الدرجه فالثغرات دائماً موجوده.
سنذهب إلى تونس، لأن الفتره بين موت محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه وحتى ذهاب بن علي هناك 14 يوماً وهذا أمر غريب، وقبل أن ندرك ما الذي يحدث خرج باراك أوباما ليحي الشعب ويحي العهد الجديد، وجون كيري مسؤول العلاقات الخارجيه في مجلس الشيوخ يفعل نفس الشيء ويقول "إنها بداية عهد عظيم في العلم العربي"، في الواقع بن علي سقط في فخ لأنه قيل له غادر البلد وأحمي عائلتك لحين هدوء الأوضاع وحينما غادر كان يعتقد أنه سيرجع لهذا لم يأخذ معه سوى حقيقبه صغيره، وقصة أن زوجته أخذت ثلث ثروتها قبل أن ترحل هي كذبه إعلاميه لا يمكن إثباتها، وكل هذا كان لإقناعنا أنهم كانا يعلمان أنهما هاربين، والحقيقه هي غير ذلك، وكان هناك ثلاث أشخاص عملوا على تنفيذ هذه الخطه "القياده العليا للجيش التونسي" و"وزير الخارجيه التونسي" و"بتراوس" مسؤول في المخابرات الأمريكيه، والنصيحة الأمريكيه في تونس ومصر كانت أن لا يطلق الجيش النار على الشعب وهذا موقف رابح بجميع الأحوال، ونزل بن علي في السعوديه ولكي تعلموا فإن السعودية لا تستقبل أي ديكاتاتور إلا لو أخذت الموافقه من الإداره الأمريكيه، بمعنى أنكم إحتجزوه هناك كي لا يستطيع التدخل.
ولو تدرسون علاقة الجيش المصري بالأدراه الأمريكيه، فهناك أفراد في الجيش يعلمون حقيقة الأمر وعلى إتصال بالولايات المتحده ولا يمكن أن تكون للجيش المصري سياسه دون علاقته بالولايات المتحده، وقبل التغير بأيام وأسابيع كان هناك عدد من قيادات الجيش المصري في واشنطن، وفي الساعة الثانيه مساءاً قال باراك أوباما "إن التاريخ يفرض منطقه" معتقداً أن مبارك سيعلن إستسلامه بينما أعلن مبارك بعد ساعتين أنه سيبقى وفي الليل فقط جاء مبعوثون للولايات المتحده وقالوا لقادة الجيش المصري هددوه بأنه إذا لم ترحل سنخلع بدلاتنا وننزل إلى ميدان التحرير، وحين نسأل الإداره الأمريكيه هل ما قام به الجيش هو إنقلاب عسكري ترد الإدارة الأمريكيه بدورها لا أنه ليس إنقلابا بل ضغط عسكري، ولهذا كان يجب على مبارك التنحي لأنه رأى أن من كانوا يساندوه تخلوا عنه، وفكرة أن الشعب ينتفض والجيش لا يتدخل لأنه كريم في حين أنه ساند نظامه لسنوات هي فكرة ساذجه، ولهذا يجب النظر للأمور بشكل أوسع، فهناك قرارات تتخذ وتحالفات تحصل وهذا لا يعني مرة أخرى أن كل شيء يتم التحكم به ولكن إرادة التحكم بما يحدث واضحة من الأمريكين والأوروبين، لأنه وبالنسبه لهم يجب الإمساك بهذه البلدان وبخاصة مصر فهي دولة محوريه.

> يجب علينا دائما طرح الأسئله... فالسياسه لا تعرف المصادفات والحقيقه أن الإدارة الأمريكيه ومعها الأوروبين لن تسمح بخروج دول الشرق الأوسط من عباءتها، وهم دائماً لديهم خطة ولكن الثغرات دائما ستكون موجوده لمن يبحث ويقرأ ويحلل ويفكر <

ليست هناك تعليقات: